يا وجه بلادي بقلم: أحمد حسن الإفرنجيغزة، ديسمبر1993 |
أيها الوجه النصاع لكفاح شعبي.......حرام. أيها الوجه النابض بالحياة........... حرام. يا ربيع بلادي النديّ................. حرام. حرام أن يسجل التاريخ في منعطفه اليوم، أن الشعب بأطفاله.. ونسائه.. ورجاله- الذين علموا العالم كيف يكون العطاء، وكيف تكون المقاومة، وكيف يكون الكفاح، وكيف تكون انتفاضة الشعوب.. انتفاضة خير.. وعطاء. حرام أن يعجز هذا الشعب عن كبح جماح الخارجين عن إرادته، الملوثين لسمعته، والمندسين على مسيرته، والمنحرفين بها، والناهبين لعطائه. حرام أن تُلوث الأعمال الصبيانية عطاءه.. وبطولاته ومنجزاته. حرام أن تلوث هذا الوجه الجميل أعمال لا مسئولة. حرام أن تحجب اشراقته غيوم قاتمة لا ماء فيها. حرامُ أن تزهق روح طفلٍ بريئ ... حرامُ أن يعدم إنسان وفق هوى ضال أو حاقد منفعل. حرام أن يُقتل رجل في بداية عطائه، لأنه خالف لمنظرٍ رأياً، أو لأنه لم يصفق لمسئولٍ عمل ضلالاً... "فريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون". حرام أن تُشوه صورة كفاح شعبي، تنظيمات غير مسئولة. حرامُ أن تُلوث هذا الكفاح أيدٍ ضلت طريقها، ومسئولون حادوا عن هدفهم. فالكل من أجل فلسطين انطق. لا من أجل حزبٍ أو زعيم. حرام أن تُطفئ نور الانتفاضة دماء بريئةٌ ذهبتْ غيلة و غدراً. حرام أن تقتلوا أنفسكم، إن تسفكوا دماءكم. حرامُ هذا الانفلات، حرام هذا الاقتتال، حرام هذا التدمير.. فتدمير الإنسان سيدمر الوطن. حرام أن تتكدس أكومُ القمامة في وجه هذا النضال الفريد في هذا العالم. حرام أن تجثم هذه النفايات على صدر شوارعه...و مواطنيه. وعار على كل فرد، عار على كل تنظيم، وعلى كل جماعه.. وعلى كل من يغض الطرف عن هذه التراكمات التي تشوه صورة الشعب وتودي بعطاء الرجال.هذه التراكمات التي تقتلُ تاريخ و عطاء الشعوب، وتطفئ جذوته. فلم نعد ندرى أهذه ديارنا أم ديار عاث فيها الغرباء. إن أول ما يلحظه القادمون، نظافة المكان،.. ونظافة اللسان، ونظافة الإنسان فيحكمون على الوطن والمواطن وبه يتحدثون. حرامُ يا أهلي.. حرام يا عشيرتي.. حرام يا أبناء بلدي، حرامٌ يا تنظيماتي.. حرام أن تشوهوا هذا الوطن، وهذا الموطن. حرام أن تدمروا هذا الوطن.. فالتدمير سهل وسريع… والبناء يحتاج إلى رجال، والرجال يحتاجون إلى إرادة، والإرادة تحتاج إلى الإيمان.. أما المتسلقون فلن يبنوا وطنا، أنهم أسرع الناس إلى الصعود، ولكنهم أقرب الناس إلى الهاوية. المفكرون أقدر الناس على العطاء.. والصغار أقدرهم على اللهو، وأقربهم للتدمير.. والكبار كبار بفكرهم بعطائهم وسلوكهم. نحن اليوم في حاجة إلى العقول المفكرة.. وإلى بناء اقتصادٍ لن يقوم في ظل فوضى، فلم نسمع يوماً بوطن بني اقتصاده في عهود الاضطراب والإضراب. فالإضراب أسلوب سلبي…، والعمل لبناء الوطن سلوك إيجابي.. ولن تبني السلبية والسلب وطناً. نحن بحاجة إلى جهد منظم وعمل دؤوب.. نحن بحاجة لعقول تخطط .. وسواعد تبنى.. نحن بحاجة لبناء نظام تعليمي يبني على أسس علمية ولن يبني أنصاف المتعلمين وطناً. فبإهمال التعليم يدمر مستقبل الأمة ويسود الجهل. نحن بحاجة إلى إعادة تنظيم الشارع، حتى لا يتحكم فيه " عربجي". أو سائق يسد انسياب المرور، ففوضى الشارع مدعاة للألم، واللامبالاة التي نراها تدمر الوطن والمواطن… ولن تبني دولة. نحن بحاجة إلى من يهتم بصحة الشعب فإهمال الصحة يحطم عنفوان الشعب، والمرض قاتل.. نحن بحاجة إلى من يضع للتسيب حداً ولو بحد القانون والسيف. نحن بحاجة إلى عصبة تنقذ لا إلى عصابة تتحكم فتدمر. نحن بحاجة إلى من يقف بجانب كل صاحب حق… فيأخذ بيده. نحن بحاجة إلى من ينكر ذاته في سبيل بناء وطنه، إلى من عاش وتعايش، إلى من يعطى ولا ينهب. لا إلى المتعطشين للثراء الغير شريف... نحن بحاجة إلى رعيل رائد يقود وبالخير على البلاد يعود. نحن بحاجة إلى المعطين لا إلى الناهبين. نحن بحاجة إلى البانين لا إلى الهادمين. نحن إلى العلماء لا إلى الجهلاء. نحن بحاجة إلى المصلحين لا إلى المفسدين. نحن بحاجة إلى العاملين لا إلى المتواكلين. نحن بحاجة إلى ثائرٍ حقاً، لا إلى تاجر يحقق كسباً. نحن بحاجة إلى المتطلعين للغرس، لا إلى المتعطشين للجني. نحن بحاجة إلى من يبني مجداً تتغنى به الأجيال، لا إلى من بالأمجاد يتغنى. فالمتغنى بالأمجاد يُلهي عن العطاء، و يعطل البناء نحن بحاجة إلى شباب تشده جذوره للعطاء،لا على شباب يركبه شيطان الغرور فيُرديه و يردي الوطن. نحن بحاجة إلى من يبني للأمة مجداً دون يتطلع للوصول على مكسب شخصي فمن كانت هجرته لله و رسوله و للوطن...فذلك خير و أبقى... و اما من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها...فهجرته إلى ما هاجر إليه. - لقد سقط تشيرتشل في الانتخابات وهو قائد بريطانيا والحلفاء إلى النصر، ولم يطعن في النتيجة، ولم يحقد، ولم ينتقم.. ولم يفكر في انقلاب. ولم يتاجر بمجد. - لقد تنحى ديجول وهو باني فرنسا ومنقذها، ولم يَمُن على شعبه وأهله، بما صنع. - وعُزل خالد بن الوليد قائد الفتوح الإسلامية، وسيف الله المسلول، وقائد الجيوش المنتصرة أبداً، وقاتل تحت إمرة أبي عبيده ملتزماً، ولم يفكر في انقلاب على عُمر ولم يمن على المسلمين بما صنع لهم من مجد. - ومات طارق بن زياد معدماً، وهو فاتح الأندلس. - وسُجِن محمد بن القاسم فاتح السند وهو في ريعان شبابه. ولم يفكر في اغتيال أحد أو الانقلاب على أحد ولم يقتله غرور. نحن بحاجة اليوم إلى انتفاضة جديدة لبناء الإنسان. لبناء الوطن. فحرامُ حرامٌ أن نتاجر بدم شهيد. فحرام حرام أن نتاجر بمعاناة معتقل أو سجين. وحرام..حرامٌ أن نتاجر برمية حجر. وكم من حماقات ترتكب باسمك أيتها الانتفاضة المباركة.. وأنت منها بريئة. وكم من جريمة ترتكب باسمكم أيها المطاردون وأنتم منها بريئون. وكم من إنسان قتل غيلة وغدراً… والصق باسمكم.. يا صقور. وكم من دم برئ سيلاحق مغتاليه والغادرين به...سيطاردهم و سيبقى دمه وصمة عار لهم. نحن بحاجة اليوم إلى من يقول للخائفين.. اذهبوا فأنتم الطلقاء.. إلا من سفك دماً ظلماً.. إلا من استباح حرمة.. إلا من اغتصب حقاً لإنسان.." ومن قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً". فنحن أولياؤكم… ونحن سُلطانكم… أيها المستضعفون… فحدود الله هي الحدود ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه…. فالتاريخ لا ينافق، ولن يرحم، وما أحوجنا اليوم حقاً لانتفاضة جديدة، انتفاضة لبناء الإنسان، لبناء الوطن، انتفاضة عطاء أبدي. وويل لنا... إن لم نحقق للوطن مجداً،وللإنسان كرامةً،وللمواطن استقراراً،ولفلسطين بناءً. |