لمن أشكوهم |
هذه رسالتي أكتبها إلى الرئيس الأمريكي…. لأني لم أجد رئيساً من أهل الضاد… ولا من أهل الإسلام لأوجه له هذه الرسالة… فأبثه همومي ومعاناتي وهواني… عله ينقذني مما نحن فيه من هوان … يا فخامة الرئيس… يا رئيس أكبر دولة في العالم اليوم… ودون منازع يا صاحب السلطان… والصولجان..يا حاكم الشرق والغرب… بأموالك… بسياستك… وحتى بإرهابك. يا من تدعى أنك حامي الإنسان… وحقوق الإنسان… وكرامة الإنسان … يا من ثرت، وهددت، ووعدت، وتوعدت… كل من يمس كرامة الإنسان في أي مكان !!! وكل من يعتدي على حقوق الإنسان !!! في الصين في فيتنام… في روسيا… في إفريقيا… وفي بلاد العرب… وفي أمريكا اللاتينية… وفي كل دولة وإمارة… لا تخضع لسطوتك… فسوطك طائلة… إليك… وإلى مجلس دولتك… ومساعديك ومحركيك… أبعث إليك برسالتي هذه…. يا فخامة الرئيس…:- أنا فلسطيني أنت سر نكبته… فلسطيني أنت سر ضياعه… فلسطيني أنت سر تشرده… وتشريده فلسطيني أنت سر كل إهانة توجه إليه…. أنت سر سلب وطنه منه… ونهبه… وتهجيره… الفلسطيني أنت سر كل بلاء يصيبه ويلحق به… وهو مرغم ليكتب إليك ... لم يجد غيرك ... يا فخامة الرئيس… أنت المسؤول عن عدم وصولي إلى أرضي… إلى وطني… وهذا يدخل ضمن منظومة حقوق الإنسان. المسئول عن إغلاق الحدود العربية في وجهي المسؤول عن حجزي في المطارات… وعلى الحدود.. أنت المسؤول عن ترحيلي من الثغور العربية مخفوراً بالسلاح… وضمن كشوف المبعدين… فهل سمعت بهذا من قبل . انت المسؤول عن التجوال الذي نلقاه… من مطار إلى مطار… أو ليس هذا مما حرمته وثيقة حقوق الإنسان… أم أن هذه الوثيقة لا تختلف عن (وثيقتي)… التي أحملها… لأمنع أينما توجهت بها حتى مصدريها . يا فخامة الرئيس :- هل تعلم كيف أصل إلى بلدي في "قطاع غزة" في فلسطين… أو كيف أغادره للالتحاق بعملي في غياهب الوطن العربي، من أجل لقمة العيش… وأنا أحمل وثيقة سفر…" يطلق عليها في بلادي "وثيقة القشل"… أو "أم غراب".. أو "الجينز"… لأنها لا تحمي صاحبها… ولأنها شؤم يلازمنا. ولأنها تتحمل البهدلة… والنوم علي الأرصفة.. وفي المعابر . هذه الوثيقة ترفضها كل الدول العربية وبلا استثناء… وكل الدول الأوروبية، وشرق أسيا… نمنع جاملها من الدخول… أومن المرور… وباسم القانون نمنع … باسم الأمزجة نمنع… فعندما أريد العودة إلى بلدي… أمنع… وتوصد في وجهي الأبواب وعندما أريد الخروج من بلدي أمنع… وعين سيدة العالم عنا تغمض…عمياء يا سيد العالم ... فحقوق الإنسان لكل العالم… عداي أنا…. لقد علمنا… في وثيقة حقوق الإنسان ومنها…"أن لنا الحق في العيش بكرامة.. ولنا الحق في التنقل بحرية.. وكرامة… ودون أن تمتهن إنسانيتنا، وكرامتنا". أم أن الوثيقة لا تشملنا ( حملة الوثيقة )… يا حماة حقوق الإنسان في هذا الزمان…. بكل "الواسطات"… أصل إلى المطار… أو المعبر أو الحدود…. أقدم أوراقي… الثبوتية… فينادي المنادي، يا مخبر… خذه على الحجز…، وبعد طول عناء… ألقى في الدهاليز… أو الغرف القذرة ويطول بنا الانتظار… وتتوافد علينا رفوف المرتزقة… والمبتزين… وتتلقف الوثائق والتصاريح كل فروع أجهزة الأمن… وما أكثرها… فهذا مكتب جوازات،… وهذا مخابرات عامة،… وهذا مخابرات حربية ، وهذا أمن دولة… وهذا جنائية وهذا … وهذا… ضابطة فدائية… وهذا حرس حدود ، أو بادية ... وفي الدهاليز يتوافد الأهل… فمصيرنا واحد… وطريقنا واحد… والزفرات المحمومة… والألم يتوافد …ويتراكم ويزداد الإصرار على حب الوطن.. نعم يزداد الإصرار يتكدس الرجال والنساء… والأطفال… فهذا رضيع يبكي جوعاً… ويبكي ألماً…وهذه عجوز لا تستطيع الرقاد… وتلك حامل… وأخرى مريضة… وصغار يتضورون جوعاً وشتاءُ قارس، وعيون الأمن تراقب… وفي كل صغيرة تتحكم حتى في قضاء الحاجة وتأمر وتتسول… إهانات وشتائم… تكال لكل من يسأل … ويطول بنا الانتظار نرقب… ونترقب. وشكوانا لا تجد أذناً صاغية… لا من مسؤولينا ولا من مسؤوليهم… وإن وصل الصدى لهم… فهم "صم… عمي… لا يفقهون"…. ولا يكترثون … معذرة إن أطلت عليك يا فخامة الرئيس.. وتأتي كشوف الترحيل بعد طول ترقب يتجاوز ساعات الليل والنهار…. والكشوف مع مخبر… والوثائق كومة مع مخبر… ويبدأ موسم الابتزاز من جديد… فالتاكسي ضعف سعره… وتذكرة الحافلة… ضعفها… وعلى كل "شنطة" أو طرد أو حقيبة… رسوم.. وعلى رفعها إلى الحافلة رسوم ... وعلى الرُضع في أحضان أمهاتهم رسوم… وتذاكر. وفي الطريق الطويل… يتفقدنا المخبر… يعدنا… ويسأل… ويتسول … الشاي… وما بعد الشاي والسائق يتأمر… ويتآمر… ويتسول الإكرامية… ونصل إلى الحدود.. وننهي الإجراءات الجمركية ونسلم وثائقنا الذهبية !!! لقد كانت في الحفظ والصون… في جيوب رجال الأمن العربي. وندفع رسوم المغادرة البرية… نظير الخدمات الإنسانية!!! وندفع لإنقاذ أبي سنبل ، ولكل سنبله وتقف حافلة… يركب فيها الجمع… ويدفع الواحد أضعاف تذاكر البشرية فالخطوات معدودة والدراهم معدودة… وتتحرك الحافلة… وتسير خطوات معدودة… ويظهر جندي من بين إسرائيل مدجج بالسلاح… يقول كل واحد يرفع هويته… أو جوازه..أو تصريحه… ويتفقد " شياه الحي"… وكأن على رؤوسهم الطير… وتسير الحافلة… خطوات معدودة… أخرى… ويأتي الفراش… على المعبر… في حدود بلدي ليتأمر… أنت إجلس… " أنت قم"… هذه حقائب مَن … بالدور… صُف… استحيوا… انضبطوا… هذا عبد بني صهيون… صار له كلمة… وندخل التفتيش… والتدقيق…. و… و…. ونمر… إلى حافلة جديدة … تنقلنا خطوات معدودة… وابتزاز مادي… جديد… يا فخامة الرئيس … هذا جزء من معاناتي… ومعاناة أهلي… يمر الكل… عداى أنا … أطفالنا على الحدود ماتوا.. وفي انتظار عدالة المدعين… طال بهم الانتظار . إهانات تلحق بنا وأنت تعلم… فلم نسمع بأنك يوما من أجلنا ثرت… كما تثور لبني إسرائيل . رغم أننا على السلام المر بصمنا… رغم أننا … للإرهاب كما تدعي شجبنا… رغم أننا في سجن كبير وضعنا…. رغم أننا من حصار وإلى حصار… سرنا… رغم … كل هذا… ورغم… كل ذاك…ورغم أننا لبينا كل رغباتك…( فأحلامك يا فخامة الرئيس… أوامر… ). يا فخامة الرئيس مر عبيدك… مر خدمك… مر خصيانك مرهم أن يكفوا أذاهم عنا… مرهم أن يفتحوا لنا الطريق… لنعود إلى أرض الوطن… إلى الحلم حتى و إن كان مقطع الأوصال.. حتى وإن كان سجناً كبيراً… ففتات وطن خير من لا وطن ... يا فخامة الرئيس هذه رسالتي إليك… علها تصل إليك.. لا يحجزها حاجب متغطرس.. أو جندي جاهل لا يدري من أمور الدنيا شيئاً… أو ضابط مغرور، يظن أنه الحاكم بأمر الله… أو حتى بأمره أو مستشار جانبه كلام الحق وكلمته…. واعلم يا فخامة الرئيس أن دوام الحال من المحال.. ولابد لليل من أن ينجلي… ولابد لكل ظالم من نهاية… وأين الأولى الذين من قبلك؟ وإن استهواك الاستبداد وحدت عن الحق فمصيرك إلى الزوال والظلم حتماً زائل… زائل… مع خالص التحية….. غزة – 1994 أحمد حسن الإفرنجي |