نحن لسنا في حاجة للدول المانحة

أحمد حسن الإفرنجي

سبتمبر 1994 

بدأت الدول المانحة تفرض شروطها، وقيودها.

بعد أن أعطت بالأمس وعودها، وما حالنا المتردي إلا جزءً من صنع سياستها. ومن صنيع أيديهم، فبالأمس أعطت الدول المانحة لإسرائيل الكثير، فهي التي ولدتها وأنشأتها.. غرستها.. و رعتها، منحتها التأييد السياسي.

ومنحتها المال، والسلاح وكل أجهزة الدمار، لقتلنا.

لانتزاع أرضنا.. لتشريدنا..لتهجيرنا.. وملاحقتنا..

لقد منحت إسرائيل عشرات المليارات، عطاءً غير مردود، وغير مشروط، ولنا الفتات وبقيودٍ، وشروطٍ ووعودٍ، لبناء البنية التحتية.!!!

والبنية ثنتان بنية تحتية تتبنى العمل فيها الدول المانحة!! وبنية فوقية. والبنية الفوقية مسئوليتنا أولاً...

      v        فنحن لسنا في حاجة للدول المانحة لإصدار قرار تنظيف الشوارع.

  v   ونحن لسنا في حاجة للدول المانحة لإصدار قرار بمنع استخدام أبواق السيارات في الليل والنهار، تلك التي تزعج البشر، وبأسلوب همجي يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان حقه في الراحة والاستجمام.. أو حق المريض في الهدوء.. أو حق الطالب في الصمت لاستيعاب دروسه، دون ما ضجيج.

      v        نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لإصدار قرار به نمنع رمي النفايات في الطرقات وفي العراء.

  v   نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لإصدار قرار لنمنع به تشويه الشوارع بكتابات لم يعد لها معنى، ولا تثير نخوة أو حمية.

  v   نحن لسنا في حاجة لإصدار قرار لنضبط فيه السير في الشوارع، ونمنع السيارات من السير عكس الاتجاه المطلوب. أو تردع به سائقاً يقف في عرض الشارع ليلتقط راكباً، أو يترجل من سياراته آخر. وبعد أن أزعج المارة ببوق سيارته.

  v   نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لنتخذ قراراً بمنع استخدام الميكروفونات والأبواق حتى نبيع الغاز أو البطيخ أو غيره.

 

*وعود الدول المانحة ..

  v   نحن لسنا في حاجة لقرار من الدول المانحة لننظف سوق الخضار..أو ساحة فلسطين.. أو مداخل المدن، حتى نعيد لبلدنا رونقه، ووجهه المشرق.

  v   نحن لسنا في حاجة للدول المانحة حتى تعلمنا كيف نقف في طوابير منتظمة أمام الدوائر الحكومية ومرافق الخدمات ودون تخط أو محسوبية.

  v   نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لتعلمنا كيف نمنع الشاحنات من أن تتكدس أمام المنازل في الشوارع، والحارات، فتسدها وتمنع انسياب المرور فيها.

      v        نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لتعلمنا كيف نحافظ على شواطئنا ونحفظها من التلوث.

  v   نحن لسنا في حاجة للدول المانحة لتعلمنا السلوك..، والأخلاق ..، والنظام..، والنظافة..، فديننا الحنيف يأمرنا "بإماطة الأذى من الطريق" ويحثنا على النظافة " فالنظافة من الإيمان" والكتابة على الحيطان أذىً فاجتنبوه.

      v        نحن لسنا في حاجة للدول المانحة في أمور كثيرة و لكنا في حاجة لرجل شجاع يتخذ القرار و يعمل لتنفيذه...

  رجل يبدأ مسيرة الألف ميل بخطوة تتبعها خطوات...

  رجل يطبق القانون وعلى الجميع يبدأ مسيرة التسيير الذاتي.. وحملات تنظيف، وأيام عمل.. حملات تغذيها أموالنا، وسياراتنا، وشبابنا، وتلاميذنا بنين وبنات، حملة تعيد لغزة إشراقتها.. فتغيظ عدوها.. فهل نبدأ....

فلماذا لا يقوم المتهالكون على الاستثمار من أبناء بلدنا بإنجازات مختلفة، رصف طرق.. إقامة أسواق بناء مؤسسات.. والدفع مؤجل.. لأن الوضع اليوم لا يسمح..ولن يضيع لهم مال فهو استثمار و الاستثمار يحتاج إلى استقرار و الاستقرار يحتاج إلى سيــادة القانـون.

  v   نحن لسنا في حاجة إلى تنظيمات تتصارع على عضوية قدر حاجتنا إلى تنظيمات تتبارى في مقدار عطائها للشعب عطاءً يظهر أثره في الحياة اليومية للجماهير، ويظهر أثره في نظافة المدينة، ويظهر أثره في تقديم التسهيلات للمواطن وتذليل الصعاب والعقبات أمام المراجعين في الدوائر، وتقديم الخدمات وتوفيرها،  أننا لا نريد أحاديث منمقة، ولا بيانات صاخبة.. ولا تنظير لا يرقى إلى أقدام الحقيقة، لا نريد ضجيجاً، إنما نريد أن نرى دقيقاً.

  v   نحن في حاجة لمجلس بلدي تقني، تنفيذي، يعمل ليل نهار كخلية نحل لا تكل ولا تمل يتجول المضاؤون في الشوارع ليرصدوا مطالبها ويعملوا على تنفيذها.

  v   نحن لسنا في حاجة لذوي الياقات المنشاة خلف المكاتب وعلى الكراسي، يتفاخرون بها بل نحن في حاجة لمن تفخر بهم المراكز والكراسي، ويذكرهم الجميع بالخير، لكفاءتهم وإنجازهم.. نحن في حاجة للذين يعملون دون كلل.. وعلى مدار الساعة، لإنقاذ المدينة من النفايات. والأتربة والطفوحات ليدرؤوا عنها الأمراض.

  v   نحن في حاجة لرعيل من الممولين ومن الشباب المخلصين ليبنوا لنا أسواقاً مركزية نظيفة.. تضاهي مثيلاتها في العالم المتحضر فالحضارة سلوك، وأسلوب عمل.. وعطاء.. وليست غناءً أو تغنياً.

      v        نحن في حاجة لمن يلتزم بالإنجاز، لا للمتطلعين لجني الأرباح، اللاهثين للربح غير المشروع.

  v   نحن في حاجة لرعيل يجاهد الشيطان في نفسه. وليكبح هواه ويصد شهواته ويقتل مطامعه ورغباته الشخصية. ومطالب حزبه أو جماعته أو عشيرته من أجل الله.. من أجل الوطن..

إن التنظيمات التي تعمل من أجل الجماهير حقاً، تعالج تنظم .. تمسح الجراح، تبني تغوص في أعماق الناس، تسبر غور المشاكل، يظهر ذلك للقاصي والداني، أولئك (أفراداً أو جماعات) هم الجديرون حقاً بأن تنتخبهم الجماهير لأن العطاء للوطن أولاً وللإنسان" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" والمؤمنون هم المواطنون.