الشعب العظيم*

29/10/2000م

أحمد حسن الإفرنجي

منذ مائة عام، وكفاحه مستمر، يخبو يوماً ثم يزدهر. أصبح هذا الشعب علماً بين شعوب العالم، ورمزاً من رموز الصمود.

حياته منذ القدم، حافلة، انتفاضة إثر انتفاضة إضراب "يليه إضراب"، ثورة تتبعها ثورة شهيد يسقط فينهض ألف بطل تاريخه مليء بالمواقف الواعدة، بالتضحية والفداء سد منيع في وجه الأعداء..قدرهم أن يذودوا عن أمتهم مطامع بني صهيون . عيشهم بشرف وفخر وحياتهم فخار لأمتهم

مسلسل رهيب عاشوه وعايشوه، سنين طويلة. مجنزرات، جُند، وخُوذات، بنادق، وحراب، ظلم، وإرهاب، وأحزان وتذبيح، وفجيعة، وتشريد، وترحيل. في لقمة عيشة محارب، في مخيماته محاصر، ومطارد، وفي كفاحه مكبل ومقيد، ومراقب

هذا قدره شعب وأرض، شرف لأمته يصون كبرياءها.. إن كبت انتشلها، وإن نامت أيقظها، وإن سَهت ذَكّرهاوإن استكانت حركها.

في وجه الطوفان سد منيع، ويوم العدوان نسورٌ تنقض، قدموا خيرة شبابهم، خيرة رجالهم، وبراعم أجيالهم قرابين للوطن، يذودون عنه وعن أمتهم.

عزل يتواثبون، قلاع في وجه الغاصبين، رماح تتصدى للأفاعي، حصاتهم تهز طوداً ذاقوا رحيق الخلد فشربوه طأطأ العالم لهم الهامات إجلالاً وإكبارا

ولم يمنوا على أحد، ولم يتسولوا من أحد، هذا قدرهم. دوماً في الطليعة. لم يقصروا، ولم يتخاذلوا، ولم يخذلوا أمتهم، مدافعون دوماً عن كرامتها وشرفها، وكبريائهايغسلون كل السطور الزائفة بدم نقي طاهر

وتنادى الشرفاء من أبناء أمتهم، لدعمهم، لمشاركتهم، تحدوهم النخوة، ويزهو بهم الشرف، بالنفس جادوا دون منه، ولم يلحقوا ما أنفقوا مناً ولا أذىً. فتحية من سويداء القلوب لهم

وعز علي نفر من السفهاء، أن يروا هذا التيار الجارف لشرفاء الأمة يهدر من المحيط إلى الخليج، فتصدوا للطوفان، وأطلقوا لألسنتهم العنان وفق صفقة مشتركة، بين غِرٍ مدسوس أو عميل جاسوس، طابور خامس، عز عليهم تلاحم الشعوب، فاندسوا على جانبي الميدان، يعششون في الظلام، يندسون بين الركام، "ولو كانوا فيكم ما قاتلوا" سلقوا العظماء بالسنة حداد. إذا خاصموا فجروا فويل لأمة يكون فيها القلم في يد جاهل، والسيف في يد جبان يريدون أن

 يهدموا ما بنى العظماء وما سطروا معاول للشعوبية والخسة واللامسئولية معهم أينما ساروا

ونحمد الله أن هؤلاء قلة لا يمثلون شعوبهم، ومن وهبوا النفس والنفيس لا يعبأون بهم فقافلة الشرف في مواكبها تسير وفي مسيرة التحرير، وفي ساحات الشرف، ومن أرض القدس، أرض الرباط نعاهد الله، ونعاهد الشرفاء بأننا على العهد سائرون، يد تصافح ويد على الزناد

يد تصافح وقلب يقدم الشكر والعرفان لكل من شارك، بالنفس، بالمال.

لكل كملة صدق من فلاح، من مواطن، من طالب، من فنان، من طبيب، من محام، من مفكر، من صحفي، من عامل، من عالم من رجل دين، من أم، من أخت، لمسنا صدق مشاعرهم وعبر مسيرتنا كلماتهم لامست شغاف قلوبنا

كانت بلسماً نضمد به الجراح، ونترحم به على شهدائنا فكل أموال العالم لا تساوي قطرة دم من شهيد نزفت ويد على الزناد، تذود عن حياض الوطن الكبير أمام طوفان الصهيونية، وإذا أنهار هذا السد.. فويل لهذه الأمة" وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا.".

______________________________

* تطاول بعض الكتاب على شعب فلسطين